أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 31 مايو : حق الله في المال ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024 م بعنوان : حق الله في المال ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 23 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 31 مايو 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حق الله في المال.

 

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حق الله في المال ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حق الله في المال ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024 م بعنوان : حق الله في المال ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) حثُّ الإسلامِ على أداءِ الزكاةِ والصدقاتِ.

(2) أساليبُ الإسلامِ في الحثِّ على أداءِ حقِّ اللهِ في المالِ.

(3) حقوقُ اللهِ تعالَى في المالِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024 م بعنوان : حق الله في المال ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

«حقُّ اللهِ تعالَى في المالِ»

بتاريخ 22 ذو القعدة 1445 هـ = الموافق 31 مايو 2024 م

 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 31 مايو : حق الله في المال

(1) حثُّ الإسلامِ على أداءٍ الزكاةِ والصدقاتٍ:

إنَّ الزكاةَ أحدُ أركانِ الإسلامِ الخمسِ، وأهمُّ الركائزِ الاجتماعيةِ التي تعملُ على صقلِ المجتمعاتِ، وبناءِ الدولِ والأوطانِ، ولذا تجدُ السياقَ القرآنيَّ دائمًا ما يقرنُهَا في الحديثِ عن الصلاةِ في عشراتِ المواضعِ كقولِهِ:﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾، وهي فريضةٌ محكمةٌ فرضَهَا اللهُ على الشرائعِ السابقةِ، وذكرَهًا في وصاياهُ إلى رسلِهِ وأنبيائِهِ، يقولُ حكايةً عن إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾، وامتدحَ بهَا إسماعيلَ فقالَ: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾، وقالَ على لسانِ عيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾، والزكاةُ ليستْ تبرعًا أو تفضلًا مِن الغنيِّ على الفقيرِ أو الكبيرِ على الصغيرِ إنَّمَا هي حقٌّ في أموالِ الأغنياءِ كما أخبرَ نبيُّنًا ﷺ مُعَاذًا لمَّا بعثَهُ اليمنَ معلمًا وموجهًا «فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» (البخاري)، وقد توعدَ الإسلامُ مَن يمنعُ زكاةَ مالِهِ أو يبخلُ على الناسِ بصدقتِهِ بوعيدينِ: أحدهُمَا: ماديٌّ: يتمثلُ في محقِ البركةِ والخيرِ مِن المالِ والعُمُرِ والولدِ والأهلِ، أمَّا مَن ينشرُ زكاتَهٌ، ويبذلُ مالَهُ على الناسِ فلَهُ الأجرُ العظيمُ والثناءُ الجميلُ، قالَ تعالًى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، وثانيهُمًا: معنويٌّ يتجسدُ في استحقاقِهِ النارَ يومَ القيامةِ ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 31 مايو : حق الله في المال

(2) أساليبُ الإسلامِ في الحثِّ على أداءِ حقِّ اللهِ في المالِ:

سلكَ دينُنَا عدةَ وسائلَ كي يحثَّ المسلمَ على إخراجِ حقِّ اللهِ في المالِ منهَا:

*أسلوبُ الترغيبِ والترهيبِ: غالبًا ما تجدُ القرآنَ في حديثِهِ عن الزكاةِ والصدقةِ دائمًا ما يسوقُ البشرياتِ الماديةِ والمعنويةِ حتى يرغبَ النفسَ البشريةَ التي جُبلتْ على حُبِّ المالِ واكتنازِهِ وجمعِهِ ﴿وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا﴾ كي تخرجَ ذلك عن سخاوةِ نفسٍ وطيبِ خاطرٍ، فتارةً يخبرُ عن مضاعفةِ أجرِ الصدقةِ ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾، وتارةً عن تعويضِ المنفقِ بمَا هو خيرٌ منهُ ﴿وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾،  وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا طَّيِّبٌ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» (البخاري)، وكمَا أنَّ البشرَ جميعًا ليسُوا على حالةٍ وصفةٍ واحدةٍ استعملَ القرآنُ أسلوبَ الترهيبِ والوعيدِ لمَن منعَ زكاةَ مالِهِ، وركنَ إلى حبِّهِ، فملأَ بهِ جيبَهُ، وغزَّى بهِ بطنَهُ، فصارَ عبدًا لهُ، فتارةً يبيّنُ اللهُ أنَّ مالَهُ سيكونُ يومَ القيامةِ سببًا في شقائِهِ وتعاستِهِ فقالَ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾، وقد دعَا عليهِ ﷺ بالخيبةِ والخسرانِ؛ إذ يصيرُ مذبذبًا مشتتًا في حياتِهِ فهو إنْ رُزقَ المالَ فرحَ وسُرَّ، وإنْ مُنعَ سخطَ وجزعَ وهلعَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ» (البخاري)، ألَا فليسارعْ المسلمُ في دفعِ الزكاةِ، وبذلِ الصدقاتِ قبلَ أنْ يفوتَ الأوانُ، وقبلَ أنْ يندمَ على ما قصّرَ في حقِّ نفسِهِ ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، وهنا تعبيرٌ لطيفٌ؛ إذ الميتُ يتمنَّى الرجوعَ قائلًا: “فَأَصَّدَّقَ” دونَ غيرِهَا مِن العباداتِ؛ لِمَا رأىَ مِن أثرِ وثوابِ الصدقةِ هناكَ بعدَ موتِهِ وفي قبرِهِ، فخذْ بيدِكَ وداومْ على الصدقةِ؛ لتلحقَ بركبِ الصالحين.

*أسلوبُ المحاكاةِ والتصويرِ الحيِّ: لقد جسّدَ رسولُنَا ﷺ مشهدَ مانعِ زكاتِهِ تجسيدًا حيًّا يجعلُ المسلمَ يهرولُ ويسرعُ إلى إخراجِ حقِّ اللهِ في مالِهِ خوفًا مِن نزولِ العذابِ، وهربًا مِن أنْ تلحقَهُ لعنةُ كنزِهِ، فعن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ اللهِ: «يكونُ كنزُ أحدِكُم يومَ القيامةِ شجاعًا أقرعَ، يفرُّ منهُ صاحبُهُ، فيطلبُهُ ويقولُ: أنا كنزُكَ، قال: واللهٍ لن يزالَ يطلبُهُ، حتى يبسطَ يدَهُ فيلقمَهَا فاهُ» (البخاري)، وفي ليلةِ الإسراءِ رآىَ نبيُّنَا ﷺ صورةً مجسدةً لأثرِ المنفقِ مالَهُ في سبيل اللهِ، والمانعِ لهُ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ، وَعَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْأَنْعَامُ إِلَى الضَّرِيعِ وَالزَّقُّومِ وَرَضْفِ جَهَنَّمَ، قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ، وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» (الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ)، كمَا بيّنَ ﷺ حالَ مَن يمنعُ زكاةَ «الإبلِ والبقرِ وغيرِهَا» حيثُ تأتِي يومَ القيامةِ فتمشِي عليهِ، وتطؤُه بأرجلِهَا؛ ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فكما لم يرحمْ عبادَ اللهِ في الدنيا، وكثيرًا ما كان يتغافلُ عنهم بل أحيانًا يتعاملُ معهم بمبدأِ الذلِّ والهوانِ عاقبَهُ اللهُ  بذلك العقابِ، وأشربَهُ مِن ذاتِ الكأسِ، فعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُؤَدِّي حَقَّهَا فَتَمْشِي عَلَيْهِ بِقَاعٍ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْبَقَرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُؤَدِّي حَقَّهَا فَتَمْشِي عَلَيْهِ تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا لَيْسَ فِيهَا جَمَّاءُ وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ، وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْغَنَمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُؤَدِّي حَقَّهَا فَتَمْشِي عَلَيْهِ بِقَاعٍ فَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا لَيْسَ فِيهَا جَمَّاءُ وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ» (الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ)، فلينظرْ الإنسانُ إلى حالِهِ ليرَى مِن أيِّ الفريقينِ، وإلى أينَ يأخذُهُ عملُهُ وغرسُهُ، ليحددَ أيَّ الطريقينِ سيسلُك، ولا أعظمَ مِن طريقِ المنفقينَ المتوكلينَ على ربِّ العالمين، الواثيقنَ بوعدِهِ ونصرِهِ ﴿رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾، وعن أَبي كَبْشَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا» (الترمذي وأحمد) .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 31 مايو : حق الله في المال

(3) حقوقُ اللهِ تعالى في المالِ:

حقُّ اللهِ تعالَى في الزكاةِ تنتظمُ في أمورٍ عدةٍ حريٌّ بالمؤمنِ أنْ يعلمَهَا ويعملَ بهَا في إخراجِ زكاتِهِ؛ لتكونَ مقبولةً عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومِن هذه الحقوق:

أولًا: الإخلاصُ عندَ أداءِ حقِّ اللهِ في المالِ: فلا يُقصَدُ بهِ الرياءُ أو المفاخرةُ، وقد بيَّنَ اللهُ صورةَ عملِ المانِّ فمثلُهُ كمثلِ الحجارةِ الملساءِ الصلبةِ صارَ عليهِ شيءٌ مِن الترابِ والغبارِ لكنَّ هذا الترابَ لا يثبتُ ولا يستقرُّ على هذا الصفوانِ ولا ينبتُ شيئًا فإذَا نزلَ عليهِ ماءٌ غزيرٌ غسلَ هذا الصلدَ وزالَ عنهُ الترابَ، وما يمكنُ أنْ ينتفعَ منهُ الإنسانُ بزراعةٍ مِن هذا الترابِ قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾، بينما المنفقُ حسبةً للهِ فهو كبستانٍ مرتفعٍ أصابَهُ مطرٌ غزيرٌ فآتَى أُكلَهُ ضعفينِ فإن لم يصبْهُ وابلٌ فطلٌّ وهو المطرُ الخفيفُ والندَى ولن تخرجَ عن هاتينِ الحالتينِ إمَّا رطوبةٌ مِن الجوِّ وهو الندَى والمطرُ الخفيفُ ينزلُ عليهَا فتؤُتي خيرًا، وإمَّا أنْ ينزلَ مطرٌ كثيرٌ فتؤتِي أكلَهَا مضاعفٌ ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.

إنَّ الذي ينفقُ مالَهُ على سبيلِ الرياءِ والسمعةِ لا يتوخَّى بهِ مواقعُ الحاجةِ، فقد يُعطِى الغنيَّ ويمنعُ الفقيرَ، وقد يبذلُ الكثيرَ مِن المالِ ولكنْ في المفاسدِ والشرورِ والمظاهرِ الكاذبةِ قالَ ربُّنَا: ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً﴾، وفي حديثِ الثلاثةِ الذين تسعرُ بهم النارُ قالَ ﷺ:”وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ،قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ”(مسلم).

ثانيًا: مراقبةُ اللهِ تعالى عندَ إخراجِ حقِّ اللهِ في المالِ: فلا يبخسُ منهُ شيءٌ ولا يتبعُهُ منًّا ولا أذَى، ولا ينقصُ منهُ شيءٌ، وقد وجَّهَ القرآنُ نداءً إلى المؤمنينِ أمرَهُم فيهِ بأنْ يتحرُّوا في نفقتِهِم المالَ الطيبَ في كلِّ وجهٍ مِن وجوهِهِ، بأنْ يكونَ جيدًا نفيسًا في صنفِهِ، وحلالًا مشروعًا في أصلِهِ فقالَ تعالَى.:﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ قال ابنُ عباسٍ:«أمرَهُم اللهُ بالإنفاقِ مِن أطيبِ المالِ وأجودِهِ وأنفسِهِ، ونهاهُم عن التصدقِ برذالةِ المالِ ودنيئِه وخبيثِه، فإنَّ اللهَ طيبٌ لا يقبلُ إلّا طيبًا»، فاللهُ يوجهُ المؤمنَ المنفقَ أنْ يضعَ نفسَهُ مكانَ الفقيرِ، لو أعطاكَ شخصٌ شيئًا فاسدًا هل تأخذُهُ؟ تأخذُهُ وأنت مغمضُ العينينِ ليس لك رغبةً في أخذِهِ؛ لأنّكَ لو أخذتَهُ ماذا ستعملُ بهِ؟! “وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ” لو كنتُم مكانَ هؤلاءِ الفقراءِ لأخذتمُوه على إغماضٍ.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 31 مايو : حق الله في المال

أخِي الحبيب: تلمَّسْ أحوالَ الفقراءِ المتعففينَ الذي قالَ فيهم ربُّنَا: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً﴾، فتأملْ كيفَ صورَ اللهُ حالةَ هذه الطائفةِ مِن المؤمنينَ تصويرًا كريمًا نبيلًا يستجيشُ المشاعرَ، ويحركُ القلوبَ لمساعدةِ هذه الطائفةِ المتعففةِ، ولذا أثنَى اللهُ على فاعلِ صدقةِ السرِّ فقالَ: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾؛ لأنَّ هذا أبعدُ عن الرياءِ، وفيه سترُ حالِ هذا الفقيرِ المحتاجِ.

ثالثًا: استحضارُ منةَ اللهِ عليكَ في هذا المالِ: المالُ مالُ اللهِ، وهو مَن رزقَهُ عبدَهُ قال سبحانه: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾، كما يستحضرُ منةَ اللهِ أنَّهُ جعلَ – سبحانه- حقَّ المالِ في جزءٍ يسيرٍ منهُ ثم هذا الجزءُ الذي أنفقَهُ يعودُ عليه في الدنيا ببركةِ مالِهِ وتطهيرِهِ ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، ويعودُ عليهِ في الآخرةِ بالأجرِ الوفيرِ، فهو أكثرُ حظًا لهُ، يقولُ الشيخُ/ محمود شلتوت: (إنَّ المالَ الذي في يدِ بعضِ الأفرادِ «قوامٌ للجميعِ» ينتفعونَ بهِ في المشروعاتِ العامةِ، ويفرجونَ بهِ أزماتِهِم وضائقاتِهِم الخاصةَ عن طريقِ الزكاةِ، وعن طريقِ التعاونِ وتبادلِ المنافعِ. وهذا هو الوضعُ المالِي في نظرِ الشريعةِ الإسلاميةِ، فليسَ لأحدٍ أنْ يقولَ: مالِي مالِي. هو مالِي وحدِي لا ينتفعُ بهِ سواي، ليس لأحدٍ أنْ يقولَ هذا أو ذاك، فالمالُ مالُ الجميعِ، والمالُ مالُ اللهِ، ينتفعُ بهِ الجميعُ عن الطريقِ الذي شرعَهُ اللهُ في سدِّ الحاجاتِ ودفعِ الملماتِ، وهو ملكٌ لصاحبِهِ يتصرفُ فيهِ لا كما يشاءُ ويهوًى بل كما رسمَ اللهُ وبيَّنَ في كتابِهِ) أ.ه.

فليستحضرْ المؤمنُ هذه المعاني العظيمةَ، وهو يُخرجُ حقَّ اللهِ في مالِهِ، وهو ينفقُ في وجوهِ البرِّ والإحسانِ، ويستصغرُ بذلِّهِ وإنفاقِهِ وعملِهِ، وليتذكرْ أنَّهُ لن يبلغَ ثوابَ اللهِ الجزيلَ الذي يوصلُهُ إلى رضوانِهِ وإلى جنتِهِ التي أعدّهَا لعبادِهِ الصالحين إلّا إذا بذلَ مِمّا يحبُّ ويؤثرُهُ مِن الأموالِ وغيرِهَا في سبيلِ اللهِ، قالَ تعالى: ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، ولنتذكرْ جميعًا أنَّ اللهَ جعلَ في زكاةِ مالِ الأغنياءِ ما يسدُّ بهِ حاجةَ الفقراءِ، ويحققُ لهم الكفايةَ، قال عليٌّ بنُ أبِي طالبٍ: “إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ فرضَ على الأغنياءِ في أموالِهِم ما يكفِي للفقراءِ، فإنْ جاعُوا أو عرُوا أو جهدُوا، فبمنعِ الأغنياء، وحقٌّ على اللهِ تعالى أنْ يحاسبَهُم ويعذبَهُم” بل إنَّ الفقهاءَ نصُّوا على- أنَّ أموالَ الزكاةِ إذا كانت لا تكفٍي المحتاجين – إلزامُ الأغنياءِ القادرينَ على سدِّ احتياجاتِ الخلقِ؛ لأنَّ هذا يتفقُ مع مقصدِ الإسلامِ مِن الزكاةِ والصدقاتِ، واللهُ سائلٌ العبدَ عن مالِهِ يومَ القيامةِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» (الترمذي وحسنه)، وما تقدمُهُ يدُكَ ستجنيهِ آجلًا أو عاجلًا، عن أبي أمامةَ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «صنائعُ المعروفِ تقِي مصارعَ السوءِ، وصدقةُ السرِّ تُطفئُ غضبَ الربِّ، وصلةُ الرحمِ تزيدُ في العمرِ» (الطبراني، وإسناده حسن) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 31 مايو : حق الله في المال

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

  كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

 د / محروس رمضان حفظي عبد العال       

مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »